
الفاشيّة الصهيونية...مخاطر وتحديات

جلال نشوان
أمد/ شكل فوز حزب الليكود في انتخابات عام 1977 منعطفاً تاريخياً ، حاسماً ، إذ انتقل الحكم في الدولة الصهيونية من اليسار الذي أشرف على تأسيس دولة الاحتلال الي اليمين الصهيوني المتطرف بزعامة الليكود ، وبقى الليكود متربعاً على سدة الحكم ، حتى جاءت انتخابات الكنيست ال 25 ، حيث
احتدم التنافس بين كافة المعسكرات ونجح بينيت ولابيد بتشكيل حكومة ، ثم جاء لابيد بعد أن اعتزل الارهابي بينيت الحياة السياسية
وفي ظل التدافع الإنتخابي الذى جرى ، ظهر اندفاع المجتمع الصهيوني بأغلبيته نحو اليمين، ولا سيما مع تراجع قوة حزب العمل برئاسة ميراف ميخائيلي، وانحسار تأثير اليسار الممثل بحزب ميرتس برئاسة( زهافا غالئون) وانضمامها إلى حكومة يائير لبيد زعيم حزب هناك مستقبل مع نفتالي بينيت رئيس حزب يمينا
وبقي لابيد يمارس عمله كرئيس للوزراء حتى جاءت الإنتخابات الأخيرة وفاز نتنياهو ومعه الفاشيين الجدد، في حكومة فاشية هى الأكثر تطرفاً في تاريخ دولة الإحتلال الغاصب
وفي الحقيقة:
أن تأسيس حزب الليكود يعود إلى التيار الصهيوني الفاشي الذي تزعمه (فلاديمير جابوتنسكي) ، الذي سار على خطى الزعيم الفاشي الإيطالي( بينيتو موسوليني) وقد أسس الحركة (الصهيونية اليمينية الفاشية ، بوحي من وصول موسوليني إلى السلطة في القرن الماضي
وتعتبر الأحزاب اليمينية المتطرفة التي فازت في الانتخابات الأخيرة(الصهيونية الدينية، العظمة اليهودية) امتداداً لأفكار (مائير كهانا) الذي كان يرأس حركة كاخ العنصرية والتي تلاشت قوتها بعد موته بـ 32 عامًا، لكن جذورها وأفكارها بقيت حيةً لدى أنصاره المتطرفين من أمثال باروخ جولدشتاين مرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف 25 فبراير/شباط 1994. و(ايجال أمير) الذي قام باغتيال إسحاق رابين عام 1996.
ايها السادة الأفاضل:
صعود اليمين المتطرف في دولة الاحتلال، يمكن أن ينطلق من الحديث عن مجموعة من العوامل:
ومنها عوامل سياسية
وأيديولوجية
واجتماعية
فكان للعامل الأيديولوجي الديني العامل الأكبر الذي ساهم بتغيير الخارطة السياسية لصالح الأحزاب الدينية، وترافق ذلك مع خطابات شعبوية من قادة المتطرفين الفاشيين الإرهابيين أمثال (أيتمار بن غفير ) وقطعان المستوطنين،
لقد دأب اليمين الصهيوني الإرهابي الفاشي على صناعة الملوك ، وكما صنع اليمين أيقونة الإرهاب في هذا الكون ملكاً ، سيصنع من( بن غفير وبتسلئيل سموتريتش) ملكين يقودا الساحة الصهيونية نحو الفاشية
هذه الإرهاصات والشعارات المحرضة وجدت لها اذاناً صاغية وازدياداً شعبياً وزادت من حماسة المستوطنين والمتدينين ودافعيتهم للحصول على عدد أكبر من الأصوات في الانتخابات الأخيرة
ويبقى السؤال حاضراً :
ما هي تداعيات هذا التغيير ؟
تداعيات خطيرة على البيئة الإقليمية والدولية ، لهذا التغيير واجراءاته وتداعياته على الواقع الصهيوني الداخلي وعلى القضية الفلسطينية،وعلى أهلنا في فلسطين المحتلة عام 48 وعلاقات دولة الاحتلال الخارجية تحديدًا مع الدول الأكثر تأثيرًا مع السياسة الخارجية
الكثير من المتغيرات الجوهرية والتحولات الديموغرافية شهدتها دولة الإحتلال منذ عقدين من الزمن ، فالخارطة السكانية تميل لصالح المتدينين والمستوطنين على حساب العلمانيين الذين كانوا يشكلون الأغلبية السكانية، والأغلبية الحاكمة، الأمر الذي غير من المجتمع وفرض أولويات جديدة والدليل على ذلك تلاشي اليسار ، خاصة حزب العمل اليساري العلماني واضمحلال ميرتس
لقد شكل سرطان الاستيطان وجرائم الاحتلال الصهيونية في كافة محافظات الوطن الأولوية القصوى في الأوساط الصهيونية منذُ بدايات الحركة الاستيطانيّة بعد احتلال فلسطين كاملة عام 1967 ، الأمر الذي غير أدوات الصراع مع المشروع الصهيوني تغييراً جذرياً
العلمانيون المؤسسون شعروا بالخطر وأصبح وجودهم ثانوياً ، والا كيف نفسر شروع بن غفير بتشكيل مليشيات موازية للجيش والشرطة
تمكنت الفاشية الدينية الصهيونية من المجتمع الصهيوني وتبوأت أماكن ريادية ووصلت الى مستويات غير مسبوقة ولعل التحولات في طبيعة الهوية الصهيونية من هوية علمانية قومية تعتبر الدين مرتكزاً قومياً إلى صهيونية دينية وما يواكب ذلك من صراعات داخلية صهيونية يهودية لا يمكن تهدئتها أو حتى تأجيلها إلا بفتح صراع صهيوني فلسطيني تزداد وتيرته
الأمور تتغير وبسرعة ولا خيار أمام القيادة وكافة ألوان الطيف السياسي الفلسطيني الا التناغم مع تلك المتغيرات والاتفاق على برنامج وطني للدفاع عن شعبنا وتشكيل لجان الحراسة وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر لمقارعة الفاشيين الذين يعتدون على،شعبنا صباحاً ومساءً
لا يوجد أمام شعبنا وقيادته وقواه السياسية ترف الوقت ، فالأخطار تداهمنا من كل حدب وصوب ، والانتظار سيغير الكثير من الوقائع على الأرض ومشروع الضم على أجندة حكومة نتنياهو الفاشية
قراء المشهد السياسى الصهيوني، لايفرقون بين الحكومات المتعاقبة والحالية ، فكلهم لديهم أهداف واضحة وهي تصفية الوجود الفلسطيني، والحكومات الصهيونية والحالية حكومات استيطان وتهويد وابادة ويبقى الفارق البسيط أن الحكومة الفاشية تتبنى البعد العقائدي والتوراتي الذي يتسم بالارهاب الدموي دون أي حسابات سياسية للمجتمع العربي والاقليمي والدولي
دأب شعبنا الفلسطيني العظيم على مقارعة المحتلين الغزاة، وكما حقق نجاحات باهرة في انتفاضاته المتتالية ، فهو الآن على أعتاب انتفاضة جديدة ، ستجتث كل الفاشيين والمتطرفين الإرهابيين الصهاينة النازيين
بإذن الله تعالى النصر لنا ، أصحاب الأرض الشرعيين ، وكما انطلق خيرى علقم وعدي التميمي وكل الشهداء ، سينطلق الآلاف الذين سيذودون عن أرضنا المقدسة وعن مقدساتنا المسيحية والإسلامية ولسان حالنا يقول :
إما النصر أو الشهادة
الكاتب الصحفى جلال نشوان